فصل: في اقرار الوارث بالدين بعد القسمة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة ***


في الوارث يلحق بالميت بعد قسمة الميراث

قلت‏:‏ أرأيت لو أن قوما ورثوا رجلا فاقتسموا ميراثه بينهم ثم قدم عليهم رجل فأقام البينة أنه وارث هذا الميت معهم وقد أتلف بعضهم ما أخذ من مال الميت وأدرك بعضهم وفي يديه ما أخذ من مال الميت أو بعض ما أخذ من مال الميت‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك يتبع هذا الوارث الذي قدم فأقام البينة أنه وارث الميت جميعهم ويأخذ من كل واحد قدر ما يصير عليه من ميراثه وليس له على هذا الذي بقى في يديه مال الميت الا مقدار ما يصيبه من ميراثه إذا فضضت ميراثه على جميع الورثة فيأخذ من هذا الذي لم يتلف ما في يديه مقدار ما يلزمه من ذلك ويتبع بقية الورثة بما يصير عليهم من ذلك أملياء كانوا أو عدما‏؟‏

قال‏:‏ مالك وليس له إلا ذلك‏.‏

وكذلك قال مالك في رجل هلك وترك عليه دينا فقسم ماله بين الغرماء ثم قدم قوم فأقاموا البينة على دين لهم على هذا الميت وقد أعدم بعض الغرماء الأولين الذين أخذوا دينهم‏؟‏

قال‏:‏ مالك يكون لهؤلاء الذين قدموا فأحيوا على هذا الميت دينا أن يتبعوا كل واحد من الغرماء بما يصير عليه من دينهم إذا فض دينهم على جميع الغرماء الذين قبضوا دينهم ويكون ذلك على المحاصة في مال الميت وليس لهؤلاء الذين أحيوا على هذا الميت دينا أن يأخذوا ما وجدوا في يد هذا الغريم من مال الميت الذي لم يتلف ما اقتضى من دينه ولكن يأخذون من هذا مقدار ما يصير عليه من ذلك ويتبعون بقية الغرماء بقدر ما يصير لهم على كل رجل منهم مما اقتضى من حقه وكذلك أبدا انما ينظر إلى مال الميت الذي أخذه الغرماء وينظر إلى دين الغرماء الأولين ودين هؤلاء الذين أحيوا دينهم على هذا الميت فيقسم بينهم مال الميت بالحصص فما صار لهؤلاء الذين أحيوا على الميت الدين كان لهم أن يتبعوا أولئك الغرماء الذين قبضوا دينهم قبل أن يعلموا بهؤلاء ولا يتبعون كل واحد منهم الا بما أخذ من الفضل على حقه في المحاصة وليس لهم أن يأخذوا ما وجدوا من ذلك بعينه فيقسموه بينهم ولكن يأخذون منه مثل ما وصفت لك ويتبعون العديم والملى بما يصير عليهم من الفضل الذي أخذوا حين وقعت المحاصة بينهم وبين هؤلاء الذين أحيوا دينهم وكذلك قال مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا هلك وترك مالا وترك ورثة وترك عليه دينا فأخذ الغرماء دينهم واقتسم الورثة ما بقى بعد الدين ثم أتى قوم فأحيوا على الميت دينا وقد أتلف الورثة جميع ما قبضوا من مال الميت وأعدموا أيكون لهؤلاء الذين أحيوا هذا الدين على الميت أن يتبعوا هؤلاء الغرماء الذين أخذوا حقهم من مال الميت والذي أخذه الغرماء الأولون من مال الميت في أيديهم لم يستهلكوه‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك ليس لهم أن يتبعوا الغرماء الأولين إذا كان ما أخذه الورثة بعد الدين فيه وفاء لهذا الدين الذي أحيا هؤلاء الآخرون لأن دينهم يجعل فيما أخذ الورثة ولا يجعل دينهم فيما اقتضى الغرماء من مال الميت لأن ها هنا فضل مال وانما يكون لهؤلاء الذين أحيوا هذا الدين أن يتبعوا الورثة عدماء كان الورثة أو أملياء فليس لهم غير ذلك‏؟‏

قال‏:‏ مالك وان كان ليس فيما أخذت الورثة بعد الدين وفاء بهذا الدين الذي أحيا هؤلاء الغرماء رجع هؤلاء الذين أحيوا هذا الدين على الغرماء الأولين بما زاد من دينهم على الذي أخذت الورثة فيحاصون الغرماء بما يصير لهم في يد كل واحد من الغرماء بحال ما وصفت لك‏.‏

وتفسير ذلك أنه ينظر إلى هذا الغريم كم كان يدرك أن لو كان حاضرا في محاصتهم فيما في أيديهم وفيما في أيدي الورثة فينظر إلى عدد الذي كان يصيبه في محاصته ثم ينظر إلى الذي في يد الورثة فيقاص به فيتبعهم به ويرجع بما بقى له على الغرماء فيأخذه منهم على قدر حصصهم يضرب بذلك في نصيبهم ولا يحاص له بجميع دينه فيما أخذ ولكنه يحاص بما فسرت لك‏.‏

قلت‏:‏ لم جعل مالك لهؤلاء الغرماء الأولين الذين اقتضوا حقوقهم ما قبضوا دون الغرماء الآخرين الذين أحيوا الدين على الميت إذا كان ورثته قد أتلفوا ما في أيديهم وكان فيما بقى في أيدي الورثة وفاء لديون الآخرين‏؟‏

قال‏:‏ لأنه يقال للغرماء الآخرين ليس مغيبكم إذا لم يعلم بدينكم مما يمنع به هؤلاء الحضور من قضاء ديونهم فلما كان لهم أن يقبضوا ديونهم إذا لم يعلموا بكم دونكم جاز ذلك وكان ذلك لهم دونكم لأنه كأنه حكم فلا يرد إذا وقع‏.‏

في اقرار الوارث بالدين بعد القسمة

قلت‏:‏ أرأيت لو أن ورثة الميت اقتسموا مال الميت فأقر أحدهم بدين على الميت فقال المقر له بالدين أنا أحلف وآخذ حقي‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك ذلك له‏.‏

قلت‏:‏ ولا ترى أن هذا يريد أن يبطل القسمة باقراره لهذا بالدين ولا تتهمه على أنه انما أراد أن يبطل القسمة باقراره لهذا بالدين لأنه إذا ندم في القسمة أقر بعشرة دراهم أو بمثل ذلك يريد به ابطال القسمة لعله أن يجر إلى نفسه بذلك منفعة كبيرة‏؟‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى أن يقال للورثة إذا حلف هذا المقر له أن شئتم فادفعوا إليه ما استحق باقرار هذا مع يمينه أنتم وهذا المقر بالدين فينفذ قسمكم والا أبطلنا القسمة وأعطينا هذا دينه ثم قسمنا ما بقى بينكم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن قالت الورثة نحن نخرج ما يصيبنا من هذا الدين وقال هذا الذي أقر لا أخرج أنا دينه ولكن انقضوا القسمة وبيعوا حتى توفوه حقه‏؟‏

قال‏:‏ يقال للورثة اخرجوا هذا الذي يصير عليكم من حق هذا فإذا فعلوا ذلك قيل للذي أقر أعط حصتك والا بيع عليك ما أخذت من ميراثك‏؟‏

قال‏:‏ ولم أسمع من مالك فيه شيئا الا أنه قال يحلف المقر له ويستحق حقه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن أقر أحد الورثة بدين قبل القسمة فحلف المقر له‏؟‏

قال‏:‏ لا يجوز لهم أن يقتسموا حتى يأخذ هذا المقر له حقه لأنه قد استحق حقه‏.‏

ما جاء في الوصية تلحق الميت بعد القسمة

قلت‏:‏ أرأيت أن اقتسموا دورا ورقيقا وأرضين وحيوانا وغير ذلك فأتى رجل وأقام البينة أن الميت قد أوصى له بالثلث أو أتى رجل فأقام البينة أنه وارث معهم‏؟‏

قال‏:‏ أن كانت دراهم ودنانير وعروضا فانما لهذا الموصى له ولهذا الوارث الذي لحق أن يتبع كل واحد منهم بما صار في يده من حقه إذا كان ما أخذ كل واحد منهم يقدر على أن يدفع إلى هذا الموصى له أو إلى هذا الوارث حقه مما في يديه وينقسم ذلك وأما الدور والأرضون فان كانوا اقتسموا كل دار على حدة ولم يجمعوا الدور في القسم فأعطى كل إنسان حقه في موضع واحد والأرضون كذلك اقتسموها والاجنة كذلك اقتسموها فأرى أن تنقض القسمة حتى يجمع له حقه في كل دار أو أرض أو جنان كما يجمع لهم ولا يأخذ من كل إنسان منهم قدر نصيبه فيتفرق ذلك عليه ويكون ذلك به ضررا بينا وكذلك لو اقتسموا الدور فلم يقطع لكل إنسان منهم نصيبه في كل دار ولكن جمع له فانه أيضا لا يأخذ من كل إنسان حقه فيتفرق ذلك عليه ولكنهم يقتسمون الثانية فيجمعون نصيبه كما جمع لهم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن كان ترك دورا أو عقارا أو عروضا ولم يترك دراهم ولا دنانير فأقام رجل البينة بعد ما اقتسم الورثة أن الميت أوصى له بألف درهم أتنتقض القسمة فيما بينهم أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه شيئا الا أني أرى أن يقال للورثة اصطلحوا فيما بينكم وأخرجوا وصية هذا الرجل وأقروا قسمتكم بحالها أن أحببتم فان أبوا ردت القسمة وبيع من مال هذا الميت مقدار وصية هذا الرجل إذا كان الثلث يحمل ذلك ثم يقسم الورثة ما بقى وانما جعلنا الورثة ها هنا بالخيار أن أحبوا أن يؤدوا الدين الذي لحق من الوصية في مال الميت والا ردوا ما أخذوا من مال الميت فباعوا منه مقدار دين هذا الميت واقتسموا ما بقى بينهم لأنهم يقولون هذا مال الميت الذي ورثناه فأخرجوا منه الدين ولا نخرج نحن الدين من أموالنا‏.‏

وكذلك أن قال ذلك واحد منهم كان ذلك له ولا يجبر على أن يخرج حظه من الدين من مال نفسه فان قال بعضهم نحن نخرج الدين من أموالنا وقال أحدهم لا أخرج الدين من مالي ولكن ردوا القسمة وبيعوا فأوفوا الوصية ثم اقتسموا ما بقى فيما بيننا‏؟‏

قال‏:‏ القول قول هذا الذي أبى وتنتقض القسمة ويدفعون إلى هذا المستحق حقه من الوصية ثم يقتسمون ما بقى وذلك أنه ليس لهم إذا أبى صاحبهم أن يشتروا ما في يديه بغير رضاه لأن الدين لما لحق دخل في جميع ما في أيديهم فلو جوزنا لهم ما قالوا لقلنا لهذا الذي أبى بع مما في يديك وأوف الغرماء أو هذا الموصى له حصتك من ذلك ولعل ذلك الذي لحقه يغترق ما في يديه ولعل قسمتهم إنما كانت على التغابن فيما بينهم أو لعله قد أتت جائحه من السماء على ما في يديه فأتلفته ثم لحق الدين أو الوصية فلا يكون عليه لذلك شيء فهذا يدلك على إبطال القسمة فيما بينهم إذا أبى هذا الواحد وقال لا أخرج حتى ولا يجوز شراء ما في أيديهم بحصتهم من الدين لأن هذا الذي أبى لو تلف ما في يديه مما كان أخذ من مال الميت بجائحه أتت من السماء لم يضمن فلا تتم الوصية ولا يتم الدين ولم أسمع هذا بعينه من مالك الا أنه رأيي لأن مالكا قال إذا لحق الميت دين وقد اقتسمت الورثة أخذ الدين مما في أيديهم وما تلف بأمر من السماء مما كان في أيديهم لم يلزم واحدا منهم ما تلف في يديه من ذلك فلما قال مالك هذا علمت أن القسمة تنتقض فيما بينهم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن لحق دين أو وصية في مال هذا الميت وقد اقتسم الورثة الدور والرقيق وجميع ما ترك الميت فيما بينهم فقال الورثة كلهم ننقض القسمة ونبيع فنوفى هذا الرجل حقه أو وصيته والوصية دراهم أو كيل من الطعام فقال واحد منهم لا أنقض القسمة ولكن أنا أو في هذا الرجل دينه أو وصيته من مالي ولا أتبعكم بشيء وذلك لأنه مغتبط بحظه من ذلك‏؟‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى ذلك ولا تنتقض القسمة‏.‏

في قسم القاضي العقار على الغائب

قلت‏:‏ أرأيت أن كانت قرية بين أبي وبين رجل من شراء أو ميراث ورثاها فغاب الرجل وهلك والدي فأردنا أن نقسم‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك يرفعون ذلك إلى القاضي فيقسم ذلك بينهم ويعزل نصيب الغائب‏.‏

قلت‏:‏ وسواء أن كانت شركة أبي مع هذا الغائب من شراء أو ميراث في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك القسمة في الدور والرقيق وجميع الأشياء إذا كانت بينهم من شراء أو ميراث فهو سواء ويقسم ذلك بينهم‏؟‏

قال‏:‏ والذي قال مالك في الغائب يدعى عليه في الدور والأرضين انما قال مالك لا يقضي عليه ولكن يستأنى به وأما أهل القسم فيقسم عليهم وان كان غائبا‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك أن كان شريك أبيهم حاضرا وبعض ورثة الميت غيب أيقسمها القاضي بينهم أم لا‏؟‏ قال قال لي مالك يقسمها القاضي بينهم ويعزل نصيب الغائب ‏(‏قلت‏:‏ فلو أن قوما ورثوا دورا ورقيقا فرفعوا أمرهم إلى صاحب الشرط وفي ورثة الميت قوم غيب فسمع من بينتهم فقسم ذلك بينهم أيجوز ذلك على الغائب أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قال مالك لا تجوز قسمته الا بأمر القاضي ولا أرى أن يجوز ذلك‏.‏

ما جاء في قسمة الأرض والشجر المفترقة

قلت‏:‏ أرأيت الأرض التي فيها الشجر المفترقة ها هنا شجرة وها هنا شجرة ورثوها فأرادوا أن يقتسموها كيف يقتسمون هذه الشجر‏؟‏

قال‏:‏ أرى أن يقتسموا الأرض والشجر جميعا لأنهم أن اقتسموا الأرض على حدة والشجر على حدة لصار لهذا شجرة في أرض هذا ولهذا شجرة في أرض هذا فأفضل ذلك أن يقسموا الأرض والشجر جميعا فيكون الشجر لمن تصير له الأرض‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن قوما ورثوا دورا ورقيقا وعروضا وحيوانا فأرادوا أن يقتسموا بالسهام فجعلوا البقر حظا واحدا والحيوان والرقيق حظا واحدا والعروض حظا واحدا والدور حظا واحدا على أن يضربوا بالسهام‏؟‏

قال‏:‏ لا خير في هذا لأنه خطر وانما تقسم هذه الأشياء كل نوع على حدة وهو قول مالك أنه يقسم كل نوع على حدة البقر على حدة والغنم على حدة والعروض على حدة الا أن يتراضوا على شيء بينهم بغير سهام‏.‏

ما جاء في قسمة ما لا ينقسم

قلت‏:‏ أرأيت أن كان الميراث عبدا واحدا أو دابة واحدة أو ثوبا واحدا أو سرجا أو تورا أو طستا واحدا فأرادوا أن يقتسموا‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك أن هذا لا ينقسم ولكن يباع عليهم جميع هذا لأن هذا مما لا يقسم كل نوع منه على حدة الا أن يتراضوا على شيء فيكون لهم ما تراضوا عليه فأما بالسهام فلا يجوز أن يقتسموه‏.‏

ما يجمع في القسمة من البز والماشية

قلت‏:‏ أرأيت أن هلك رجل وترك بزا فيه الخز والحرير والقطن والكتان والأكسية والجباب أيجعل هذا كله في القسمة نوعا واحدا أم يقسم كل نوع على حدة‏؟‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه شيئا ولكن أرى أن يجمع البز كله في القسمة فيجعل نوعا واحدا فيقسم على القيمة مثل الرقيق لأن الرقيق عند مالك نوع واحد وفيهم الكبير والصغير والهرم والجارية الفارهة فهذا كله نوع واحد وهو يتفاوت في الأثمان بمنزلة البز أو أشد فقد جعله مالك نوعا واحدا والبز عندي بهذه المنزلة والرجل يهلك ويترك قمصا وجبابا وأردية وسراويلات فلم أسمع مالكا يقول تجعل السراويلات قسما على حدة والجباب قسما على حدة ولكن هذا كله نوع واحد يجمع في القسمة على القيمة‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك لو كانت الابل من صنوف الابل والبقر من صنوف البقر جمعتها كلها في القسمة على القيمة في قول مالك بحال ما وصفت لي في الرقيق‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الخيل والبغال والحمير والبراذين أتجمع مع هؤلاء في القسمة‏؟‏

قال‏:‏ لا يجمع هؤلاء في القسمة بالسهام ولكن يقسم كل صنف منها على حدة البغال على حدة والحمير على حدة والخيل والبراذين صنف واحد على حدة ولم أسمع هذا من مالك ولكنه رأيي‏.‏

ما جاء في قسمة الحلى والجوهر

قلت‏:‏ أرأيت لو أن امرأة هلكت وتركت زوجها وأخاها وتركت حليا كثيرا ومتاعا من متاع النساء مختلفا كيف يقتسمه الزوج والأخ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ أما الحلى فلا يقسم الا وزنا وأما متاع جسدها أو متاع بيتها فبالقيمة‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الحلى إذا كان فيه الجوهر واللؤلؤ والذهب والفضة فكان قيمة ما فيه من الجوهر واللؤلؤ الثلثين والذهب والفضة الثلث فأدنى أيصلح أن يقسم على القيمة أم لا‏؟‏ والسيوف المحلاة التي ورثناها فيها من الحلى الثلث فأدنى وقيمة النصول الثلثان فصاعدا أيصلح أن تقسم السيوف على القيمة أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا بأس بالقسمة في هذا بالقيمة لأن السيف إذا كان فيه من الفضة الثلث فأدنى فلا بأس به بالفضة كان أقل مما في السيف أو أكثر إذا كان يدا بيد عند مالك ولا بأس بالفضة والعروض بهذا السيف ألا ترى لو أن رجلين أتيا بسيفين فضتهما أقل من الثلث أو فضة أحدهما أقل من الثلث والآخر أكثر من الثلث فتبايعا السيفين يدا بيد لم يكن بذلك بأس فكذلك القسمة أيضا وان كان في كل سيف من تلك السيوف أكثر من الثلث فلا خير في القسمة فيه بالقيمة وكذلك الحلي مثل ما وصفت لك في السيوف‏.‏

ما جاء في قسمة الأرض والزرع الأخضر

قلت‏:‏ أرأيت أن ورثا أرضا فيها زرع فأراد أن يقتسماها‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك يقتسمان الأرض على حدة ويتركان الزرع لا يقسم‏.‏

قلت‏:‏ ولم كره مالك أن يقتسما الأرض والزرع جميعا وقد جوز مالك بيع الأرض والزرع جميعا قبل أن يطيب الزرع لليبع فقد جوز مالك بيعه فلم لم يجز مالك القسمة فيه‏؟‏

قال‏:‏ انما جوز مالك بيع الأرض والزرع جميعا بالدنانير والدراهم كان الزرع أقل من ثلث قيمة الأرض أو أكثر ولم يجوز بيع ذلك بالطعام وهذان إذا اقتسماه فقد صار أن اشترى كل واحد منهما نصب ما في يديه من الزرع والأرض بنصف ما صار لصاحبه من الأرض والزرع فصار بيع الأرض والزرع بالأرض والزرع فلا يجوز هذا‏.‏

قلت‏:‏ فلو أن قوما ورثوا رجلا فقسم القاسم بينهم الرقيق والابل والدور والعروض فجعل السهام على عدة الفرائض فأفرع بينهم فخرج سهم رجل منهم والورثة عشرة رجال فقال بعض من بقى لا نجيز القسمة أو قالوا ما عدلت في هذا القسم فاردده أو قالوا دع هذا السهم الذي خرج لصاحبه واخلط هذا الذي بقى فاقسمه بيننا فانك لم تعدل فيه‏؟‏

قال‏:‏ لا ينظر إلى قول الذين أبوا وقالوا ازدد القسمة ولكن يقرع بينهم وينظر القاضي في ذلك فان كان قد عدل في القسمة أمضاه بينهم والا أبطله وذلك أن مالكا قال لو أن القاضي بعث رجلا يقسم بين ورثة ما ورثوا من دور أو غير ذلك فادعى بعضهم أن القاسم قد جار عليهم قال مالك ينظر القاضي في ذلك فان كان قد جار عليهم أو غلط رد القسمة‏؟‏

قال‏:‏ ولم ير مالك قسم القاسم بمنزلة حكم الحاكم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ثوبا بين اثنين دعا أحدهما إلى القسمة وأبى الآخر‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا يقسم ويقال لهما تقاوماه فيما بينكما أو بيعا فان لم يتقاوماه وأرادا بيعه فإذا استقر على ثمن فان شاء الذي كره البيع أن يأخذه أخذه والا بيع‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلين ورثا دارا أو عروضا أو اشتريا ذلك فقسم ذلك القاسم بينهما ثم أقرع بينهما فلما خرج سهم أحدهما‏؟‏ قال لا أرضى أو كانوا جميعا فلما خرج منهم أحدهم‏؟‏ قال لا أرضى هذا لأني لم أظن أن هذا يخرج لي هل ترى هذا من المخاطرة أو يلزمه السهم الذي خرج له أم لا‏؟‏ يلزمه‏؟‏

قال‏:‏ ذلك لازم له عند مالك‏.‏

قلت‏:‏ لم ألزمه مالك بهذا وأنت لا تجيز هذا في البيوع وتجعله مخاطرة لأن رجلا لو أتى بعشرة أثواب أو بثوبين فباع أحدهما بعشرة دراهم على أن يقرع على الثياب فأيها خرج السهم عليه فهو لازم للمشترى فهذا عند مالك غرر ومخاطرة فلم جوزه في القسمة‏؟‏

قال‏:‏ لأن القسمة عند مالك بالقرعة ليست من البيوع والقسمة تفارق البيوع في بعض الحالات عند مالك وفي القسمة عند مالك قد كان هؤلاء شركاء وفي البيع لم يكن المشتري شريكا للبائع‏.‏

ما جاء في قسمة المواريث على غير رؤية

قلت‏:‏ فلو أنا ورثنا كرما أو نخلا ولم ير واحد منا الكرم والنخل فتراضينا أنا وصاحبي على أن أعطيته الكرم وأخذت النخل أيجوز هذا في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا يجوز ذلك عند مالك الا بعد الرؤية أو يكونان قد عرفا الصفة فيقتسمان على الصفة فلا بأس أن يتراضيا بعد معرفتهما بالصفة على ما أحبا من ذلك‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك لو كان أحدهما قد عرف الكرم والنخل أو عرف صفة ذلك ولم يعرف ذلك الآخر‏؟‏

قال‏:‏ كذلك أيضا لا يجوز لأن الذي لم ير ولم يعرف الصفة لا يدري ما يأخذ ولا ما يعطى فهذا لا يجوز عند مالك الا أن يكونا قد رأيا ذلك أو وصف لهما فيجوز على ما تراضيا من ذلك‏.‏

ما جاء في القسمة على الخيار

قلت‏:‏ أرأيت لو أنا اقتسمنا دارا وعروضا ورقيقا على أن أحدنا بالخيار ثلاثة أيام أو نحو ذلك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك ذلك جائز إذا كانت تلك السلع مما يجوز فيها الخيار عدد الأيام التي اشترط الخيار فيها لنفسه فهذا مثل ما قال مالك في البيع‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن جعلت الخيار لهذا الذي اشترط الخيار لنفسه أيكون لصاحبه من الخيار في الرد الذي لم يشترط شيء أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا خيار له في ذلك وقد لزمته القيمة وانما الخيار لصاحبه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن أحدث هذا الذي اشترط لنفسه الخيار بناء في الدار أو هدم فيها شيئا أو ساوم بها أتلزمه القسمة ويبطل خياره أم لا‏؟‏ قال‏:‏ نعم كذلك قال مالك في البيوع إذا اشترط المشترط الخيار فصنع من ذلك ما يبطل به خياره فهو بمنزلة ما صنع هذا في القسمة‏.‏

في قسمة الأب أو وصية على ابنه الصغير وهبته ماله

قلت‏:‏ هل يجوز أن يقاسم على الصغير الدور أو العقار أبوه أو وصى أبيه‏؟‏

قال‏:‏ ذلك جائز عند مالك‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك العروض وجميع الأشياء‏؟‏

قال‏:‏ نعم ذلك جائز عند مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن صبيا صغيرا في حجر أبيه ورث من أمه مورثا أو من غير أمه مورثا فقاسم الأب لابنه الصغير فحابى أيجوز ذلك على الصغير وقد حابى الأب شركاءه‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا تجوز هبة الأب مالا لابنه الصغير ولا يتصدق بمال ابنه الصغير فكذلك المحاباة أيضا لا تجوز عند مالك‏.‏

قلت‏:‏ فان أدركت هذه المحاباة وهذه الصدقة وهذه الهبة ردت بعينها وإن فاتت ضمن ذلك الأب للابن في ماله‏؟‏

قال‏:‏ نعم إذا كان الأب موسرا فان فاتت ضمن الأب ذلك في ماله‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن كان هذا الموهوب له من مال الصبي أو المتصدق عليه من مال الصبي أو المحاباة في مال الصبي الذي ذكرت مما فعله الأب في مال ابنه أن كان المتصدق عليه والمحابى والموهوب له قد أتلف الصدقة والمحاباة والهبة بعينها وهو ملي أيكون للأب إذا غرم ذلك للصبي أو للصبي أن يرجع عليه في ماله فيأخذ منه قيمة ما أتلف من ذلك في ماله وكيف أن كان عديما وقد استهلك تلك الصدقة والهبة والمحاباة فأراد الأب أو الابن أن يتبعا بقيمة ما استهلك من ذلك أيكون ذلك لهما في قول مالك أم لا‏؟‏ قال إذا كان الأب موسرا يوم يختصمون لم يكن للأب ولا للابن أن يتبع المتصدق عليه ولا المحابى ولا الموهوب له وإنما يكون ذلك للابن على الأب ‏(‏قلت‏:‏ فان كانا عديمين الأب والمتصدق عليه يوم يختصمون‏؟‏

قال‏:‏ يتبع الصبي أيهما أيسر أولا الأب أو المتصدق عليه وللابن أن يتبع أولهما يسرا بقيمة ماله ذلك أن كان الأب اتبعه وان كان المتصدق عليه أتبعه ولم أسمع هذا من مالك ولكنه رأيي ألا ترى أن مالكا قال إذا تصدق الأب بشيء من مال الابن والابن صغير وان كان الأب موسرا لم يجز ورد فان فات ضمن وللابن أن يتبعه إذا أيسر أو يتبع المتصدق عليه إذا أيسر يتبع أيهما شاء الا أن يوسر الأب أولا فيقول الابن أنا أتبع الأجنبي ولا أتبع أبي فلا يكون له ذلك لأن الأب لو كان موسرا يوم يختصمون لم يكن للابن أن يتبع المتصدق عليه ويترك الأب‏؟‏

قال‏:‏ وقال مالك ولو أعتق الأب غلاما لابن له صغير في حجره جاز إن كان موسرا يوم أعتق وكان عليه الثمن في ماله وان لم يكن موسرا يوم أعتق لم يجز عتقه ورد‏؟‏

قال‏:‏ وقال لي مالك الا أن يتطاول زمان ذلك وينكح الحرائر وتجوز شهادته فلا أرى أن يرد ويتبع الأب بقيمته‏.‏

قلت‏:‏ فان أيسر الأب أولهما غرم ذلك للابن أيكون له أن يتبع المتصدق عليه‏؟‏

قال‏:‏ لا‏.‏

قيل‏:‏ فان أيسر المتصدق عليه أولا فغرم ذلك للأبن أيكون له أن يتبع الأب بذلك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ ليس له أن يتبعه بذلك‏.‏

ما جاء في وصى الأم ومقاسمته

قلت‏:‏ فلو أن امرأة هلكت وتركت ولدا صغيرا يتيما لا وصى له فأوصت الأم بالصبي وبمالها إلى رجل ولها ورثة سوى الصبي فقاسم وصي الأم لهذا الصبي الذي أوصت به الأم إليه أيجوز ذلك في قول مالك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قال مالك لا يجوز من وصية الأم شيء ولا يجوز شيء مما صنع وصي الأم وليس وصي الأم بوصي وهو كرجل من الناس فلا يجوز على الصبي شيء من صنيعه‏.‏

قلت‏:‏ فهل يترك مال المرأة في يديه وقد أوصت إليه أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قال مالك إذا كان الذي تركت المرأة تافها يسيرا جاز ذلك وذلك أن مالكا سئل عن امرأة هلكت وأوصت إلى رجل بمالها قال مالك كم تركت قالوا له خمسين دينارا أو ستين‏؟‏

قال‏:‏ هذا يسير وجوزه في اليسير‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن هلكت امرأة وأوصت بثلثها أن ينفذ وأوصت بذلك إلى رجل أن ينفذه‏؟‏

قال‏:‏ فهو وصي في ثلثها وذلك إليه تكون وصيتها إلى هذا الرجل في ثلثها وينفذه وذلك جائز عند مالك‏.‏

قلت‏:‏ فان تركت أختها وأخاها صغيرين وأوصت إلى رجل بهما وبمالها ولا وارث لها غيرهما‏؟‏

قال‏:‏ أرى وصيتها غير جائزة الا أن يكون مالها الذي تركت قليلا مثل الذي ذكرت لك فيجوز ذلك إلى الملك خاصة ولا يكون لهما وصيا بذلك في انكاحهم وشرائهم والمصالحة عليهم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن هلك رجل وترك بن أخ له صغيرا وهو وارثه ومعه وارث غيره أيضا كبير وأوصى العم بهذا الصبي إلى رجل أيكون وصيه وتجوز مقاسمته له أم لا‏؟‏ في قول مالك أو كان الجد أبا الأب أو كان أخا لهذا الصبي فهلك فأوصى إلى رجل بحال ما وصفت لك‏؟‏

قال‏:‏ لا يجوز من وصية هؤلاء قليل ولا كثير وليس لواحد من هؤلاء من الوصية قليل ولا كثير لأن الميت نفسه لم يكن يجوز أمره ولا صنيعه في مال الصبي قبل موته فكذلك وصية أيضا لا يكون أحسن حالا منه نفسه‏.‏

قلت‏:‏ ولا تجوز وصيته في الشيء القليل مثل ما أجاز مالك وصية الأم في الشيء القليل‏؟‏

قال‏:‏ لا أرى أن تجوز وصيته لهذا في قليل ولا كثير‏.‏

قلت‏:‏ وما فرق ما بين هؤلاء وبين الأم‏؟‏

قال‏:‏ انما استحسن مالك في الأم وليست الأم كغيرها من هؤلاء لأن الأم والدة وليست كغيرها وهو مالها وهذا ليس بماله الذي يوصي به لغيره وما هو بالقياس ولكنه استحسان ألا ترى أن الأم تعتصر ما وهبت لابنها أو ابنتها وتكون بمنزلة الأب والجد والأخ لا يعتصران فهذا يدلك أيضا على الفرق فيما بينهم‏.‏

قلت‏:‏ فما يصنع بهذا المال الذي أوصى به إلى هذا الوصي الذي لا يجيز وصيته‏؟‏

قال‏:‏ ذلك إلى السلطان عند مالك يرى فيه رأيه وينظر فيه للصغار ويجوزه عليهم وعلى الغائب‏.‏

ما جاء في قسمة الكافر على ابنته البالغ

قلت‏:‏ أرأيت الكافر أيجوز له أن يقاسم على ابنته الكبيرة التي لم تتزوج وقد أسلمت وهي في حجره في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك ليس له أن يزوج ابنته الكبيرة إذا أسلمت فلما قال مالك ليس له أن يزوج ابنته الكبيرة إذا أسلمت رأيت أن لا تجوز عليها قسمته‏.‏

في قسمته الأم أو الأب على الكبار الغيب ومقاسمة الأم على ولدها

قلت‏:‏ فالوصي هل يجوز أن يقاسم على الغيب الكبار في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا يجوز ذلك لأن مالكا قال لي في الوصي يؤخر الدين وفي الورثة كبار وصغار فيؤخر ذلك على الغريم على وجه النظر‏؟‏

قال‏:‏ مالك يجوز ذلك على الصغار ولا يجوز على الكبار فلما قال مالك لا يجوز على الكبار رأيت أن لا تجوز مقاسمته على الغيب إذا كانوا كبارا‏.‏

قلت‏:‏ فالأب هل يقاسم على ابنه الكبير إذا كان غائبا في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا‏.‏

قلت‏:‏ أيجوز للأم أن تقاسم على ابنها الصغير‏؟‏

قال‏:‏ لا يجوز من مقاسمة الأم على الصغير قليل ولا كثير الا أن تكون الأم وصية‏.‏

في قسمة وصى اللقيط للقيط

قلت‏:‏ فلو أن لقيطا في حجر رجل أوصى له بوصية أيجوز لهذا الرجل الذي اللقيط في حجره أن يقاسم لهذا اللقيط‏؟‏

قال‏:‏ أرى ذلك جائزا له ولو أن رجلا أخذ بن أخ له أو بن أخته وهو صغير في حجره لا مال له واحتسب فيه فأوصى له بمال فقام فيه وقاسم له وباع له لم أر ذلك يجوز له ولا يجوز له أن يعمد إلى أخ له يموت فيثب على ماله وولده فيقبض ذلك بغير خلافة من السلطان فيبيع فيه ويشتري فهذا بمنزلة الغاصب‏.‏

ما جاء في قضاء الرجل في مال امرأته

قلت‏:‏ أرأيت أن زوج رجل ابنته وهي صبية صغيرة فماتت أمها فورثت الصبية مالا فقال الزوج أنا أقبض ميراثها وأقلسم لها وقال الأب أنا أقبض ميراثها‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك الأب أحق بمال الصبية ما لم تدخل بيتها ويؤنس منها الرشد لأن مالكا قال لو أن رجلا تزوج جارية قد بلغ مثلها ولها عند الوصي مال لم تأخذ مالها وان دخلت منزلها حتى يرضى حالها فلما قال لي مالك في الوصي هذا الذي أخبرتك كان الأب والوصي أحق من الزوج بقبض ميراثها من الزوج والزوج أيضا لا حق له في قبض مال امرأته ألا ترى أنها إذا دخلت ولم يؤنس منها الرشد لم يدفع إليها مالها وانما يدفع إليها مالها إذا أونس منها الرشد وان كانت عند الزوج فهذا يدلك على أن الزوج لا يقبض مال امرأته والأب والوصي الناظران لها والحائزان لها وان تزوجت ودخلت منزلها ما لم يرض حالها ويجز أمرها وليس للزوج قضاء في مال امرأته قبل دخوله بها ولا بعده‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت هذه الصبية أن هلك والدها ولم يوص ثم هلكت أمها وقد تركت مع هذه الصبية ورثة فأرد الزوج أن يقاسم لامرأته وليس لها وصي ولا أب أيجوز له ذلك في قول مالك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا يجوز إلا بأمر القاضي‏.‏

كتاب القسمة الثاني ما جاء في الشريكين يقتسمان فيجد أحدهما بحصته عيبا أو ببعضها

قلت‏:‏ فلو أن شريكين اقتسما دورا أو رقيقا أو أرضا أو عروضا فأصاب أحدهما بعبد من العبيد عيبا أو ببعض الدور أو ببعض العروض التي صارت في حظه عيبا كيف يصنع في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ أرى ذلك مثل البيوع والدور ليس فيها فوت فان كان الذي وجد به العيب هو وجه ما أخذ في نصيبه وكثرته رد ذلك كله ورجع على حقه وردت القسمة الا أن يفوت ما في يد صاحبه ببيع أو هبة أو حبس أو صدقة أو هدم أو يكون قد هدم داره فبناها فهذا عند مالك كله فوت‏؟‏

قال‏:‏ فان فاتت في يد هذا وأصاب الآخر عيبا فانه يردها ويأخذ من الذي فاتت الدار في يده نصف قيمة الدور يوم قبضها وتكون هذه الدور التي ردها صاحبها بالعيب بينهما وان كانت لم تفت ردت وكانت بينهما على حالها واختلاف الأسواق ليس بفوت في الدور عند مالك‏.‏

قلت‏:‏ وان كان الذي وجد به العيب أقل مما في يده من الذي صار له رده‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك إذا كان الذي وجد به العيب أقل مما في يده من ذلك وليس من أجله اشترى رده ونظر إليه كم هو مما اشترى فان كان السبع أو الثمن رجع إلى قيمة ما في يد أصحابه فأخذ منهم قيمة نصف سبع ذلك أو نصف ثمنه ذهبا أو ورقا ولم يرجع في شيء مما في أيديهم‏؟‏

قال‏:‏ مالك في الرجل يبيع الدار ثم يجد المشترى بها عيبا أو يستحق منها شيء‏؟‏

قال‏:‏ أن كان الذي وجد به العيب أو استحق من الدار الشيء التافه مثل البيت يكون في الدار العظيمة والنخلات تكون في النخل الكثيرة فان ذلك يرجع بحصته من الثمن ويلزمه البيع فيما بقى وان كان جل ذلك رده فكذلك القسمة والدار الواحدة والدور الكثيرة إذا أصاب بها عيبا سواء على ما فسرت لك أن كان الذي أصاب العيب يسيرا رد ذلك الذي أصاب به العيب بحصته من الثمن ويلزمه ما بقى ويرجع على صاحبه بالذي يصيبه من قيمة ما في يديه ولا يرجع عليه في شيء مما في يديه فيشاركه فيه وانما له قيمة ذلك ذهبا أو ورقا كان حظ صاحبه قائما أو فائتا‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك لو اقتسماه فأخذ أحدهما في حظه نخلا ودورا ورقيقا وحيوانا وأخذ الآخر في حظه بزا وعطرا وجوهرا وتراضيا بذلك فأصاب أحدهما في بعض ما صار له عيبا أصاب ذلك في الجوهر وحده أو في بعض العطر أيكون له أن يرد جميع ما صار له في نصيبه أم يرد هذا الذي أصاب به العيب وحده‏؟‏

قال‏:‏ ينظر في ذلك فان كان الذي أصاب به العيب هو وجه ما صار له رد جميعه بحال ما وصفت لك وان لم يكن ذلك رد ذلك وحده بعينه بحال ما وصفت لك‏.‏

ما جاء في الحنطة يقتسمانها فيجد أحدهما بحنطته عيبا

قلت‏:‏ فان كان قمح بين اثنين ورثاه فاقتسماه فطحن أحدهما حنطته ثم ظهر على عيب في حنطته من عفن أو غير ذلك فأراد أن يرجع على صاحبه كيف يرجع عليه‏؟‏

قال‏:‏ يرد صاحبه الذي لم يطحن حنطته أن كانت لم تفت وان كانت قد فاتت أخرج مكيلتها ويخرج هذا الذي طحن حنطته قيمة حنطته التي طحن فتكون بينهما‏.‏

قلت‏:‏ ولم لا يخرج هذا الذي طحن حنطته حنطة مثلها معفونة معيبة فتكون بينهما نصفين‏؟‏

قال‏:‏ لأن الأشياء كلها إذا وجد بها المشتري عيبا وقد فاتت ولا يجد مثلها لم يخرج مثلها ولأن من اشترى حنطة بدراهم فأتلفها فظهر على عيب كان عند البائع فانه يرجع في دراهمه بقدر العيب ولا يقال له رد حنطة مثلها معفونة معيبة لأن المشترى لو أراد أن يأتي بحنطة مثلها معفونة معيبة لم يحط بمعرفة ذلك والعروض كلها والحيوان كذلك وهذا الذي قاسم صاحبه حنطته فطحنها فظهر على عيب بعد طحنه أن أراد أن يرجع في حصة صاحبه من الحنطة بنصف العيب لم يصلح ذلك لأنها تصير حنطة بحنطة وفضل فلا يصلح ذلك فلما كان هذا لا يصلح لم يكن له بد من أن يخرج قيمة الحنطة التي طحنها وليس عليه أن يخرج مثلها لأن من اشترى سلعة من السلع كائنة ما كانت طعاما أو غيره فوجد بها عيبا وقد فاتت عنده لا يكون له أن يقول أنا أخرج مثلها لأنه لا يحاط بمعرفته ولو كان يحاط بمعرفة ذلك لرأيت أن يكون له ذلك أن يخرج مثلها فيما يكال أو يوزن‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الطعام العفن بالطعام العفن أيصلح أن يكون هذا مثلا بمثل‏؟‏

قال‏:‏ أن كان ذلك العفن يشبه بعضه بعضا فلا بأس به وان كان العفن متفاوتا فلا خير في ذلك وكذلك القمحان يكون فيهما من التبن والتراب الشيء الخفيف فلا بأس به مثلا بمثل ولو كان أحدهما كثير التبن أو التراب حتى يصير ذلك إلى المخاطرة فيما بينهما أو يكون أحدهما نقيا والآخر مغشوشا كثير التبن والتراب فلا خير في ذلك الا أن يكونا نقيين أو يكون فيهما من الغلث الشيء اليسير فان كان ذلك كثيرا صار إلى المخاطرة وإلى طعام بطعام ليس مثلا بمثل وليس هذا يشبه ما اختلف من الطعام مثل البيضاء والسمراء أو الشعير والسلت بعض هذه الأصناف ببعض لأن هذين الصنفين اختلفا جميعا فتبايعا به ولأن هذا مغشوش فلا يصلح ذلك‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك لو كانت سمراء مغلوثة بشعير مغلوث أيصلح ذلك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا خير في ذلك الا أن يكون شيئا خفيفا بحال ما وصفت لك‏؟‏

قال‏:‏ وليس حشف التمر بمنزلة غلث الطعام لأن الحشف من التمر والغلث انما هو من غير الطعام وهذا كله رأيي‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت هذا الطعام المغلوث إذا كان صبرة واحدة أيجوز أن يقتسماه بينهما‏؟‏

قال‏:‏ نعم لا بأس بذلك إذا كان من صبرة واحدة فان كان من صبرتين مختلفتين لم يصلح ذلك لأنه لا يدري ما وقع غلث كل واحدة منهما من صاحبتها والواحدة إذا كانت مغلوثة غلثها شيء واحد لا يدخله من خوف الاختلاف والمخاطرة ما يدخل الصبرتين إذا كانتا مختلفتين‏؟‏

قال‏:‏ ولقد سألت مالكا عن غربلة القمح في بيعه فقال هو الحق الذي لا شك فيه وأرى أن يعمل به والذي أجيز من القمح بالقمح أو القمح بالشعير أن يكونا نقيين أو يكونا مشتبهين ولا يكون أحدهما مغلوثا والآخر نقيا ولا يكون الا مثلا بمثل وهذا الذي سمعته‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن اقتسمنا دارا بيننا فبنيت حصتي أو هدمتها فأصبت عيبا كان في حصتي قبل أن أهدم أو قبل أن أبنى‏؟‏

قال‏:‏ قد أخبرتك بهذا أنه إذا هدم أو بنى ثم أصاب عيبا فهو فوت ويرجع بقيمة نصف العيب فيأخذ ذلك دنانير أو دراهم على ما فسرت لك قبل هذا فينظر ما قيمة العيب فيرجع بنصفه دنانير أو دراهم وهذا مثل ما قال مالك في البيوع‏.‏

في الرجل يشتري عبدا فيستحق

قلت‏:‏ فلو أن رجلا اشترى عبدا فباع نصفه من يومه ذلك ثم استحق رجل ربع جميع العبد أيكون للمشتري أن يرد نصف هذا العبد أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قال مالك من اشترى عبدا فاستحق بعضه نصفه أو ثلثه أو ربعه أو غير ذلك فان المشتري بالخيار أن شاء رد الجميع وان شاء حبس ما بقى من العبد بعد الذي استحق منه ويرجع على بائعه في ثمن العبد بقدر ما استحق من العبد‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت هذا الذي اشترى من المشتري الأول إذا استحق ربع جميع العبد أيكون عليه في النصف الذي اشترى بشيء أم لا‏؟‏ قال‏:‏ نعم يأخذ المستحق الربع منهما جميعا ويرجع هذا المشتري الثاني على بائعه بقدر ما استحق من العبد من حصته أن شاء أو يرد أن شاء ويكون للمشتري الأول على بائعه مثل ما وصفت لك في هذا يكون مخيرا‏؟‏

قال‏:‏ وهذا رأيي‏.‏

قلت‏:‏ فلو أن رجلا اشترى عبدا أو ثوبا فباع نصفه مكانه ثم ظهر على عيب فرضى المشتري الثاني بالعيب وقبل العبد وقال المشتري الأول أنا أرد أيكون له أن يرد نصف العبد في قول مالك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قال مالك له أن يرد الا أن البائع الأول بالخيار ويقال له اردد الآن أن أحببت نصف قيمة العيب إلى الذي باع نصف العبد ولا يرد لك من نصف الذي باعه من العيب شيئا أو خذ نصف العبد وادفع إليه نصف الثمن‏.‏

قلت‏:‏ فان أقتسمت أنا وصاحبي عبدين بيننا فأخذت أنا عبدا وهو عبدا فاستحق نصف العبد الذي صار لي‏؟‏

قال‏:‏ إنما كان قبل القسمة لكل واحد منكما نصف كل عبد فلما أخذت جميع هذا العبد وأعطيت شريكك العبد الآخر كنت قد بعته نصف ذلك العبد الذي صار له بنصف هذا العبد الذي صار لك فلما استحق نصف العبد الذي صار في يدك قسم هذا الاستحقاق على النصف الذي كان لك وعلى النصف الذي اشتريته من صاحبك فيكون نصف النصف الذي استحق من نصيبك ونصف النصف من نصيب صاحبك فترجع على صاحبك بربع العبد الذي في يده لأنه ثمن لما استحق من العبد الذي في يدك من نصيب صاحبك فترجع على صاحبك إذا كان العبد لم يفت في يد صاحبك وان كان العبد قد فات في يد صاحبك كان لك عليه ربع قيمته يوم قبضه ولا تكون بالخيار في أن ترد نصف العبد على صاحبك فتأخذ نصف عبدك لأن مالكا قال في الدار والأرض يشتريها الرجل فتستحق منها الطائفة‏؟‏

قال‏:‏ أن كان الذي استحق منها يسيرا رأيت أن يرجع بقيمته من الثمن ولا ينتقض البيع فيما بينهما‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك وأرى البيت من الدار الجامعة والنخلة من النخل الكثيرة والشيء اليسير من الأرض الكثيرة ليس ذلك إذا استحق بفساد لها فأرى أن يلزم المشترى البيع فيما بقى في يديه ويرجع في الثمن بقدر الذي استحق وان كان الذي استحق هو جل الدار وله القدر من الدار رأيت المشتري بالخيار أن أحب أن يحبس ما بقى في يديه بعد الاستحقاق من الدار ويرجع في الثمن بقدر الذي استحق فذلك له وان أحب أن يرد ما بقي في يديه بعد الاستحقاق ويأخذ الثمن كله فذلك له‏؟‏

قال‏:‏ فقيل لمالك فالغلام أو الجارية يشتريها الرجل فيستحق منه أو منها الشيء اليسير‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا يشبه العبد أو الأمة عندي الدور والأرضين ولا النخل لأن الغلمان والجواري يريد أهلهم أن يظعنوا بهم ويطأ الرجل الجارية ويسافر الرجل بالغلام فهو في الغلام والجارية إذا اشترى واحدا منهما فاستحق منه الشيء اليسير كان بالخيار أن أحب أن يتماسك بما بقى ويرجع في الثمن بقدر ما استحق منه كان ذلك له وان أحب أن يرده كله فذلك له فمسألتك في القسمة في العبدين عندي تشبه الدور ولا تشبه العبيد لأن كل واحد منهما كان له في كل عبد نصفه فكان ممنوعا من الوطء أن كانتا جاريتين وكان ممنوعا من أن يسافر بهما أن كانا عبدين فلما قاسم صاحبه فأخذ كل واحد منهما نصف عبده ونصف عبد صاحبه فاستحق نصف عبد صاحبه فاستحق من نصف صاحبه ربعه لم يكن له أن يرد نصف صاحبه كله ولكنه يرجع بذلك الربع الذي استحق منه في العبد الذي صار لصاحبه أن كان لم يفت فان كان قد فات رجع عليه بربع قيمة العبد الذي صار لصاحبه يوم قبضة‏؟‏

قال‏:‏ وقال مالك والفوت في العبيد في مثل هذا النماء والنقصان والبيع واختلاف الأسواق ألا ترى أن مالكا قال في الرجل يشتري السلع فيجد ببعضها عيبا أو يستحق منها الشيء‏؟‏

قال‏:‏ أن كان الذي وجد به عيبا أو استحق ليس هو جل ذلك ولا كثرته ولا من أجله اشترى رده بعينه ولزمه البيع فيما بقى فكذلك هذا العبد ليس الربع جل ما اشترى أحدهما من صاحبه ولا فيه طلب الفضل فلما قال مالك هذا في هذا وقال في العبد إنما كان له أن يرده إذا اشتراه كله من رجل لأن للمشترى أن يسافر به ولأن له في الجارية أن يطأها إذا اشتراها فإذا استحق منها القليل ردها أن أحب ولم يكن للبائع حجة أن يقول لا أقبلها لأنها إنما استحق منها الشيء اليسير لأن هذا قد انقطعت عنه المنفعة التي كانت في الوطء والأسفار وما أشبه هذا وأما الذي قاسم صاحبه فأخذ في نصف عبده الذي كان له نصف عبد صاحبه الذي كان معه شريكا فاستحق الربع من نصيب كل واحد منهما فليس له أن يرد ما بقى في يديه من حظ شريكه لأن العبد والجارية إنما يردهما في هذا إلى الحال الأولى وقد كان في العبد والأمة في الحال الأولى قبل القسمة لا يقدر على أن يسافر بهما ولا يطأ الجارية فالعبيد إذا كانوا بين الشركاء فاقتسموهم ثم استحق من بعضهم بعض ما في يديه إنما يحملون محمل السلع والدور إذا اشتريت فاستحق بعضها أن كان ذلك الذي استحق كثيرا كان له أن يرد الجميع وان كان تافها يسيرا لا قدر له لم يرد ما بقى ويرجع بما يصيبه على ما فسرت لك وهذا في القسمة في العبيد كذلك سواء ألا ترى أن من قول مالك لو أن رجلا اشترى عبدين وهما في القيمة سواء لا تفاضل بينهما فاستحق منهما واحد لم يرد الباقي منهما لأنه لم يشتر أحدهما لصاحبه فكذلك النصف حين اشترى لم يشتر الربع الذي استحق للربع الآخر الذي لم يستحق فتكون له حجة يرده بها أو يقول كنت أسافر بالعبد أو أطأ الجارية فلا أحب أن يكون معي شريك فتكون له حجة فلما لم تكن له في هذا الوجه ولا في هذا الوجه الآخر حجة لم يكن له أن يرد ما بقي في يديه من نصيب صاحبه بعد الاستحقاق ولكن يرجع على صاحبه بربع العبد أن كان لم يفت وان كان قد فات فبحال ما وصفت لك‏.‏

ما جاء في استحقاق بعض الصفقة

قلت‏:‏ أرأيت أن اشتريت عشرة أعبد بألف دينار قيمة كل عبد مائة دينار فاستحق من العبيد تسعة أعبد وبقي عندي منهم عبد واحد فأردت رده أيكون ذلك لي أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قال مالك نعم يرد إذا استحق جل السلعة التي فيها كان يرجى الفضل والربح أو كثرته ولا ينظر في ذلك إلى استواء قيمة المتاع ولا تفاوت في ذلك‏.‏

قلت‏:‏ فان كانت هذه الصفقة دارا أو عبدا أو دابة وثوبا وجوهرا وعطرا فأصاب بأكثر هذه الصنوف عيبا أو أستحق أكثرها وكل صنف منها في الثمن قريب من صاحبه وليس من هذه الصنوف شيء اشترى الصنف الآخر لمكانه ولا فيه طلب الفضل ولكن يطلب الفضل في جميع هذه الأشياء أيكون له أن يرد‏؟‏

قال‏:‏ نعم له أن يرد ما بقى في يده بعد الاستحقاق إذا كان انما استحق من ذلك أكثر المتاع أو الذي فيه يرجى النماء والفضل‏.‏

قلت‏:‏ فلو أن دارا بيني وبين صاحبي اقتسمناها فأخذت أنا ربعها من مقدمها وأخذ صاحبي ثلاثة أرباعها من مؤخرها أيجوز هذا في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم ذلك جائز في قول مالك لأن هذا يجوز في البيع فإذا جاز في البيع جاز في القسمة‏.‏

قلت‏:‏ فان استحق من يدي هذا الذي أخذ الربع نصف ما في يديه كيف يرجع على صاحبه‏؟‏

قال‏:‏ يرجع على الذي أخذ ثلاثة أرباع الدار من مؤخر الدار بقيمة ربع ما في يديه وكذلك أن استحق من صاحب الثلاثة الأرباع نصف ما في يديه أو ثلثه فعلى هذا يعمل فيه وهذا مثل قول مالك في البيوع‏.‏

قلت‏:‏ ولا تنتقض القسمة فيما بينهما في هذا الاستحقاق في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ القسمة لا تنتقض فيما بينهما إذا كان ما استحق من يد كل واحد منهما تافها يسيرا فان كان ما استحق من يد كل واحد منهما هو جل ما في يديه فأرى أن القسمة تنتقض فيما بينهما لأن القسمة انما تحمل محمل البيع ولأنه لا حجة لمن استحق في يديه شيء أن يقول انما بعتك نصف ما في يديك بنصف ما في يدى لأنه ليس بيعا انما هي مقاسمة فإذا استحق من ذلك الشيء التافه الذي لا يكون ضررا لما يبقى في يديه ثبتت القسمة فيما بينهما ولا تنتقض ويرجع بعضهم على بعض بحال ما وصفت لك وان كان ذلك الذي استحق من الدار ضررا لما يبقى في يديه من نصيبه رده كله ورجع يقاسم صاحبه الثانية الا أن يفوت نصيب صاحبه فيخرج القيمة بحال ما وصفت لك‏.‏

قلت‏:‏ هذا الذي أسمعك تذكر عن مالك إذا استحق القليل لم تنتقض القسمة وإذا استحق الكثير انتقضت القسمة ما حد هذا‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك في الرجل يبيع الدار فيستحق النصف منها في يد المشترى فللمشترى أن يرد النصف الباقي‏.‏

قلت‏:‏ فان استحق من الدار الثلث‏؟‏

قال‏:‏ لم يجد لنا مالك في الثلث شيئا أحفظه ولكني أرى الثلث كثيرا وأرى أن يرد الدار إذا استحق منها الثلث لأن استحقاق ثلث الدار فساد على المشترى‏.‏

ما جاء في قسمة الغنم بين الرجلين بالقيمة

قلت‏:‏ فان ورثنا أنا وأخي عشرين شاة فأخذت أنا خمس شياه تساوي مائة وأخذ أخي خمسة عشر شاة تساوي مائة أيصلح هذا في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم لا بأس بذلك أن تقسم الغنم على القيمة إذا كان بالسهام الا أن يتراضوا على أمر فيكون ذلك على ما تراضوا عليه‏.‏

قلت‏:‏ فان استحق مما في يد أحدهما شاة أتنتقض القسمة فيما بينهما أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا أرى أن تنتقض القسمة فيما بينهما ولكن ينظر فان كانت هذه الشاة المستحقة هي خمس ما في يديه رجع هذا على أخيه بنصف قيمة خمس ما في يديه‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك أن استحق جل ما صار لأحدهما من الغنم‏؟‏

قال‏:‏ نعم تنتقض القسمة إذا كان الذي استحق من يدي أحدهما هو جل حصته وفيه رجاء الفضل والنماء‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ قال لي مالك في القوم يرثون الحائط من النخل يقتسمونه بينهم أنه لا يجوز أن يقتسموا التمر فيفضل بعضهم في الكيل لرداءة ما يأخذ من التمر ولا أن يأخذ مثل مكيلة ما يأخذ أصحابه من التمر الا أن تمر أصحابه أجود فيأخذ هو لموضع جودة ثمرة أصحابه دراهم‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا يجوز هذا ولكن يتقاومون الأصل كل صنف منها فيما بينهم ثم يترادون هذا الفضل أن كان بينهم فضل وقال مالك ولو أن رجلا أتى بحنطة ودراهم وأتى آخر بحنطة ودراهم فتبادلا بها وان كان الكيل واحدا ووزن الدراهم واحدا فلا خير فيه‏.‏